في خطوة جديدة تعزز السيادة المغربية على أقاليمها الجنوبية، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، في التاسع من أبريل 2025، دعمها الثابت لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل وحيد وواقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. هذا التأكيد، الذي جاء على لسان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال لقائه بنظيره المغربي ناصر بوريطة في واشنطن، يمثل ضربة قاصمة لأوهام النظام العسكري الجزائري الذي طالما تمسك بخيارات وهمية لدعم كيان انفصالي مفكك. لكن اللافت للنظر هو رد الفعل الجزائري “المحتشم” و”الخجول” الذي لم يتجاوز بياناً باهتاً يعبر عن “الأسف”، دون أي خطوة عملية تذكر، مما يعكس حالة الارتباك والخوف التي تعيشها الجزائر أمام الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب.
كان من المتوقع أن يثور النظام الجزائري، المعروف بشعاراته العنترية وخطاباته الرنانة عن “القوة الضاربة” و”السيادة الوطنية”، في وجه هذا القرار الأمريكي الذي ينسف أحلام كابرانات قصر المرادية في إدامة نزاع مفتعل يخدم مصالحهم الداخلية أكثر مما يخدم قضية حقيقية. لكن بدلاً من ذلك، اكتفت الخارجية الجزائرية ببيان هزيل يتحدث عن “تأسفها” لموقف واشنطن، دون أن تتجرأ على اتخاذ أي إجراء دبلوماسي جدي، مثل سحب سفيرها من الولايات المتحدة أو قطع العلاقات التجارية، كما فعلت سابقاً مع إسبانيا وفرنسا عندما أبدتا دعماً للمغرب. هذا التفاوت في ردود الفعل يكشف بوضوح أن الجزائر تدرك جيداً ثقل الولايات المتحدة وتتخوف من تبعات أي تصعيد مع إدارة ترامب الجديدة، التي لا تتردد في فرض عقوبات صارمة على من يعارض مصالحها الاستراتيجية.
أين هي تلك “العنتريات” التي طالما روج لها النظام العسكري؟ أين شعارات “الدفاع عن حق الشعوب” التي يتغنى بها الكابرانات في المحافل الدولية؟ يبدو أن هذه الشعارات تتلاشى عندما يتعلق الأمر بمواجهة قوة عظمى مثل أمريكا، لتظهر الجزائر في موقف الضعيف الذي يكتفي بالتذمر بدلاً من المواجهة. هذا الرد الجبان ليس سوى دليل على أن النظام الجزائري يعيش حالة من العزلة الدبلوماسية والخوف من فقدان ما تبقى له من حلفاء، خاصة مع تصاعد الدعم الدولي للموقف المغربي.
في الوقت الذي تتهاوى فيه الرواية الجزائرية على الساحة الدولية، تشهد مخيمات تندوف، التي يطلق عليها المغاربة “مخيمات العار”، حالة من الفوضى والانشقاقات بين أعضاء الكيان الوهمي المسمى “البوليساريو”. تقارير متزايدة تشير إلى انقسامات داخلية حادة بين قيادات الجبهة، مع تزايد الاستياء من الفساد وسوء إدارة المساعدات الإنسانية التي تقدمها الجزائر تحت ذريعة “دعم القضية”. هذا الوضع يعزز فرضية أننا نشهد بداية النهاية لهذا الكيان الذي طالما استغلته الجزائر كورقة سياسية للضغط على المغرب.
هذه الانشقاقات ليست مفاجئة، فالدعم الأمريكي المتجدد للمغرب، إلى جانب المواقف الداعمة من دول كبرى مثل فرنسا وإسبانيا، يضع الكابرانات أمام حقيقة مرة: لم يعد بإمكانهم الاستمرار في تسويق أكذوبة “الجمهورية الصحراوية” في عالم يرى في المقترح المغربي للحكم الذاتي حلاً عملياً وواقعياً يضمن الاستقرار الإقليمي. المغرب، بفضل دبلوماسيته النشطة وموقفه الثابت، يحصد ثمار سياسة حكيمة تعتمد على الحق التاريخي والشرعية الدولية، بينما تتخبط الجزائر في تناقضاتها وتفقد أوراقها واحدة تلو الأخرى.
إن تأكيد الولايات المتحدة دعمها للمغرب ليس مجرد موقف دبلوماسي عابر، بل رسالة واضحة للعالم بأن السيادة المغربية على صحرائها أصبحت واقعاً لا يقبل الجدل. هذا الدعم يعكس ثقة المجتمع الدولي في المغرب كشريك استراتيجي موثوق، يتمتع بالاستقرار السياسي والأمني، ويقدم حلولاً بناءة للتحديات الإقليمية. في المقابل، يظهر النظام الجزائري عاجزاً عن مواجهة هذا الزخم، مكتفياً بردود فعل باهتة تكشف مدى ضعفه وارتباكه أمام التحولات الدولية.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستستمر الجزائر في سياسة الهروب إلى الأمام، أم أنها ستدرك أخيراً أن مصالحها الحقيقية تكمن في التعاون مع المغرب بدلاً من معاداته؟ الإجابة تبدو واضحة: النظام العسكري الجزائري، بكل غطرسته وأوهامه، يقترب من نهاية الطريق. الصحراء مغربية، والتاريخ والجغرافيا والدعم الدولي يشهدون بذلك. أما الجزائر، فلم يعد أمامها سوى مواجهة الحقيقة أو الغرق في مستنقع تناقضاتها.