التحريض على أندري أزولاي: انحراف عن قيم التسامح والدستور المغربي

التحريض على أندري أزولاي: انحراف عن قيم التسامح والدستور المغربي

في يوم الأحد 6 أبريل 2025، شهدت شوارع الرباط حدثا مؤسفا خلال مسيرة نظمت لدعم غزة، حيث تعرض مستشار جلالة الملك، السيد أندري أزولاي، لحملة تحريض وشتائم قادتها عناصر من جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية (البيجيدي). لم تكن هذه الحادثة مجرد تعبير عن رأي سياسي، بل تجاوزت حدود اللياقة والقانون لتصبح هجوما شخصيا استهدف السيد أزولاي بعبارات مثل “الصهيوني”، في محاولة لتشويه سمعته وإنكار دوره الوطني. هذا السلوك المشين، الذي نرفضه رفضا قاطعا، يتناقض مع مبادئ التسامح التي يقوم عليها المجتمع المغربي، ويخرق الأسس الدستورية التي تحمي الكرامة الإنسانية والتعددية.

أندري أزولاي، المغربي اليهودي الذي أفنى عقودا في خدمة الوطن كمستشار للملكين الراحل الحسن الثاني طيب الله ثره ومحمد السادس نصره الله، يمثل نموذجا للإنسان المغربي الذي يجسد التنوع الثقافي والديني للمملكة. مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك تأييده لحل الدولتين كمدخل للسلام، تؤكد التزامه بالقيم الإنسانية التي يدافع عنها المغرب عالميا. لكن بدلا من الاعتراف بهذا الدور، اختارت بعض الأطراف استهدافه ليس لأفعاله، بل لهويته الدينية، في تصرف يتنافى مع تعاليم الإسلام الحقيقية التي تحض على العدل والاحترام، ومع الروح المغربية التي طالما احتضنت الجميع.

الدستور المغربي، في ديباجته ومواده، يؤكد على التعددية كأساس للهوية الوطنية، ويضع الملك كضامن للوحدة والاستقرار. واستهداف مستشار جلالة الملك بهذا الشكل هو، في جوهره، مساس بهذا الإطار الدستوري، وتحدٍ للسلطة التي تحمي التنوع والتسامح في المغرب. الفصل 41 من الدستور، على سبيل المثال، ينص على أن الملك هو “أمير المؤمنين” وحامي الديانات، مما يعني أن أي تصرف يستهدف فردا بسبب دينه يعد خرقا لهذا المبدأ الأسمى. كما أن القانون المغربي يجرم التحريض على الكراهية، وهو ما يجعل هذا الهجوم فعلا يستوجب المحاسبة القانونية والأخلاقية.

نحن، كمغاربة، ننكر بشدة هذا الفعل الذي لا يمثلنا، ولا يعبر عن قيمنا العريقة في احترام الآخر. المغرب، الذي عرف عبر تاريخه بالتعايش بين المسلمين واليهود والمسيحيين، لا يمكن أن يقبل بأن تتحول مسيرة تضامنية إلى منصة للتحريض والشتائم. إن من يدعون الدفاع عن غزة يجب أن يدركوا أن السب والشتم لا يخدمان القضية، بل يشوهانها ويضعفان موقف المغرب كصوت معتدل ومؤثر في الساحة الدولية.

ختاما، ندعو السلطات إلى فتح تحقيق شامل في هذا الحادث، وكشف أي يد خفية تقف وراءه، سواء كانت داخلية أو خارجية. كما نحث المجتمع على التصدي لهذا الخطاب المسموم الذي يهدد وحدتنا. أندري أزولاي، بتاريخه وإخلاصه، يستحق الاحترام لا الإهانة، ونقول لمن حاولوا استهدافه: “المغرب سيظل عصيا على محاولات التفرقة، مهما كانت مصادرها”.